من أجمل البلدان التي زرتها في العالم. يا له من مكان ساحر بفنه وطبيعته الخلابة وأكله وتاريخه. سافرت إلى فييتنام عام 2004 بحثاً عن مستقبل ممكن للعراق فقمت بإعداد تقارير قارنت فيها بين فييتنام والعراق وتحدثت مع المحاربين القدامى ومع أحفادهم فكان الجد يفتخر كيف دحر الفرنسيين ثم الأمريكيين.. بينما يحدثني الحفيد بلكنتة أمريكية عن حلمه بالسفر إلى الولايات المتحدة وكيف أصبحت قصص الجد في طي الماضي وكيف هي ممتازة العلاقة بين فييتنام اليوم وأمريكا اليوم
فييتنام فعلاً سحرتني كإنسانة ، لكنها جلبت لي الصداع كصحفية
العمل الصحفي في فييتنام كان صعباً للغاية فليس مسموحاً التحرك أو التصوير بدون مرافقة حكومية وتصريح مسبق وترتيب لكل من سيتحدث إليه الصحفي. ووقعت في مواقف جد محرجة مع مرافقنا الحكومي، السيد كوانغ، الذي اكتشفت فيما بعد أنه لم يكن دائماً يترجم أسئلتي ولا أجوبة من أقابلهم ، بل كان يخترع ما يريد. سألت سيدة مسنة تبيع الورود في هانوي عن الحرب على العراق. فسألها هو: ماذا تناولتِ في الفطور اليوم؟ !! فأجابت بكلمتين مختصرتين كانت بالنسبة لي بمثابة دندنة (شيء مثل : هنغ منغ، يعني اسم طبق ما). فترجم لي إنها قالت إنها تحب الولايات المتحدة الأمريكية ومعجبة بجورج بوش ولا علاقة بين حربي فييتنام والعراق!! وكلما سألته كيف يمكن لكلمتين أن تعبرا عن كل هذه الأفكار، كان يرد: اللغة الفييتنامية مختصرة مفيدة
العراق وفييتنام
〈 الفيديو غير موجود حالياً 〉
الرقابة الشديدة اضطرتنا للتحايل على كوانغ لكي نصل إلى المسلمين في البلاد لأننا لو طلبنا رسمياً فسيرتبون كل شيء مسبقاً وسنقابل أشخاصاً يقولون لنا إن كل شيء رائع وجميل. وأنا كنت قد وصلت مرحلة أكاد أجن فيها من السيد كوانغ، وكثيراً ما كنت أصرخ : كوااااانغ من شدة غيظي منه
في مدينة هو تشي مين أبقينا السيد كوانغ حبيس المقهى في الفندق، وكان يعشق كل مظاهر الترف. فتكفلنا بضمان خدمة متواصلة له في المقهى كي لا يشعر بمرور الزمن وطلبنا من نادلة في المقهى أن تتحجج بأي شيء لكي تمنعه من مغادرة المقهى قبل عودتنا! بسرعة قطعنا الشارع إلى المسجد المجاور. كانت أيام رمضان. المسلمون في فييتنام عانوا الأمرين في ظل قمع الحريات الدينية باسم الشيوعية حين كانت السلطات تجبر أبناءهم في المدارس على أكل لحم الخنزير مثلاً !!! لكن فييتنام تبدلت كثيراً من الناحية الاقتصادية في السنوات الأخيرة وإن بقيت محافظة سياسياً على الحزب الواحد، فشهدت الحريات، بما فيها الدينية، شيئاً من الانفتاح رافق الانفتاح الاقتصادي نحو نظام اقتصاد السوق
في هانوي تمارضنا حتى نفلت من المرافق الحكومي. عندما طرقتُ باب مسجد هانوي سألني صوت : من؟ فقلت : نحن قناة الجزيرة. ففتح الباب، وقال : أنا أنتظركم من سنوات طويلة .. أين كنتم؟ أخيراً وصلتم، الحمد لله
تقريري عن مسلمي فييتنام
كنت قد شملت في قائمة الأماكن التي أرغب في تصويرها عندما تقدمت في هونغ كونغ بطلب الفيزا إلى فييتنام قبل شهر من الزيارة دار أيتام للأطفال من ضحايا العامل البرتقالي وهو سلاح كيماوي ألقته القوات الأمريكية أثناء الحرب. لكن السيد كوانغ حاول أن يختصر الطريق لأنه كان كسولاً فتارة قابلنا أطفالاً وصورناهم على أساس أنهم أيتام لنكتشف فجأة أن من معهم آباءهم!!! وتارة أخرى صورنا في دار أيتام لأطفال مشوهين لنكتشف أنهم ليسوا ضحايا العامل البرتقالي بل مشوهين خلقياً.. ورغم الصعوبات أعددت التقرير
تقريري عن أطفال العامل البرتقالي
لعل الريف الفييتنامي من أجمل ما شاهدت عينياي .. بسيط وهادئ. وفيه ألوان وتدرجات تختلف عن بلدان أخرى زرتها. ولعل الشيء الوحيد المزعج هو عدم وجود حمامات، بالكاد، وإن وُجِدَتْ فيتمنى الإنسان لو أنها لم تكن موجودة !! في منطقة نهر ميكونغ كانت الحياة كلها تدور حول النهر. ومن هنا أهمية الحفاظ على البيئة بالنسبة لهم وإن لم يكونوا واعين للأمر. وعلى فكرة المرافق الحكومي السيد كوانغ جلب لي شخصاً قال إنه عمدة القرية لكن تبين لي أنه لا عمدة ولا شيء، بل مرشد سياحي! واكتشفت الأمر عندما حاولت تحدث الفرنسية معه ففمهني لأن كثيراً من الفيتناميين يتحدثون الفرنسية. وهكذا استغنيت عن كوانغ مؤقتاً كي أمارس عملي في لقاء واحد على الأقل بشيء من الحرية والمهنية بعد أن كان قد رتب لقاءات مع أشخاص إما مأجورين أو لا علاقة لهم بالموضوع، يترجم هو على كيفه. راودتني فكرة رمي كوانغ في نهر ميكونغ كي أتخلص منه :) لكني لم أفلح
تقريري عن الحياة حول نهر ميكونغ
1 comment:
نكهه المزاح في تقريرك اكيد لم تكن نفسها وانت في فيتنام جميل تنقلك عبر القارات
Post a Comment