وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه يقول إن أحد المقترحات على الطاولة بقاء القذافي في ليبيا بعد تنحيه عن الحكم وخروجه من الحياة السياسية والعامة كشرط لوقف عمليات حلف الأطلسي ضد نظامه
نزلتُ إلى شوارع بنغازي أسأل الليبين آراءهم ، سياسيين ومحللين ومواطنين عاديين
لم أجد شخصاً واحداً ممن تحدثت إليهم يتقبل الفكرة
ممثلو المجتمع المدني
قصدت مؤتمراً يضم بعض ممثلي القبائل وجمعيات نسائية وغيرها وطرحت عليهم الفكرة فكان الرد أنه لا يمكن أن يقبلوا ببقاء القذافي في ليبيا في منزله معززاً مكرماً. أحد من تحدثت إليهم، وهو من أسرة تعرضت لبطش وقمع النظام وأعدم شقيقه في رمضان وتركت جثته أياماً في الشارع، قال لي بوضوح إن كانت فرنسا تسعى إلى غير ما نسعى إليه فنحن سنواصل دربنا والثوار سيقومون بالمهمة دونها
تفاجأتُ بموقفه .. خاصة أنني جئت ليبيا وفي بالي أعلام فرنسا ترفرف في بنغازي ويشكرها الليبيون على شاشات التلفزيون
لكن يبدو أن تماطل حلف الأطلسي في إنجاز المهمة أكد شكوك الكثيرين من الأجندات الخفية لفرنسا وغيرها من دول التحالف في عمليات حلف الأطلسي في ليبيا
ورغم أنني وصلت قبل أقل من يومين إلا أنني استشعرت من الساعات الأولى لي هنا وجود أزمة ثقة بين المجلس الوطني الانتقالي وتحالف الأطلسي الذي ربما لم يجد في المجلس وأعضائه والثوار ما كان في باله من تصور لنظام بديل مستقبلي في ليبيا
السياسيون
توقعت أن يكون وزير الخارجية الفرنسي قد تشاور مع المجلس الوطني الانتقالي قبل أن يطرح الفكرة لكن عندما ذهبت إلى المجلس وتحدثت مع أعضائه وطلبت موقفاً رسمياً منهم تفاجأت بردة فعلهم والتي كانت الرفض التام لفكرة وزير الخارجية الفرنسي. المجلس يصر على أنه لا بد من محاكمة القذافي أو رحيله من ليبيا، وحتى في حال رحيله فلا شيء يكفل ألا تتم رفع قضايا ضده في أي مكان كان. حتى أن مسؤول الإعلام في المجلس أوضح لي أن الرئيس الفرنسي على علم بموقف المجلس من المقترح.. وعزا المجلس موقفه إلى موقف الشعب الليبي الرافض تماماً لفكرة صفقة تنحي القذافي وبقائه في ليبيا
أي أن الشارع له ضغط وله ثقل
طبعاً كان المجلس في مرات سابقة قد ألمح إلى إمكانية التفاوض على المسألة لكن اليوم قالوا لي : لا تفاوض مع القذافي
المحللون
قصدت المحللين فقالوا لي : يستحيل أن يكون الحل عملياً لأنه لا بد من إنهاء وجود القذافي تماماً وحاشيته وأمواله وكل شيء يتعلق به في ليبيا لضمان استقرارها
أحد المحللين ركز على العامل العاطفي للشعب الليبي وقال : هل سيقبل معمر أن يقضي أيامه و"بصاق الليبيين عليه كل يوم"؟ الشعب الليبي لن يستقر نفسياً مع وجود القذافي .. ومعمر قادر على حفر نفق والظهور في مكان ما في أي لحظة ولن يلتزم بأي عهد أو أي اتفاق
الشارع
النساء كانت لديهن أقوى ردود الأفعال على المقترح الفرنسي
امرأة قالت لي : ومن هي فرنسا حتى تقول لنا نحن الليبيين ما نفعل أو تملي علينا الحلول؟ نحن من ثرنا ضد معمر ونحن من نقرر مصيره
امرأة أخرى قالت لي : المطلوب من فرنسا وأمريكا فقط شيء واحد وعليهما الالتزام به، وهو إعطاؤنا غطاء جوي لكي نزحف نساء ورجالاً وشباباً إلى طرابلس، ونحن من سنزحف وليس هم، ونحن من سنسقط النظام، وليس هم
امرأة أخرى ردت : هو قاتل ، قتل شعبنا، لا نقبل سوى أن يُقتل، أن يُشنق في ساحة من الساحات كما شنق الليبيين
سألتهن جميعاً : طيب ما هو الحل؟ إراقة الدماء ستستمر إن لم يتم التوصل إلى حل سياسي
فجأة جاءت شابة، قالت لي : أنا لدي نداء
وقرأت لي قصيدة كتبتها إلى الثوار إلى كتائب القذافي، تناشد فيها الكتائب إلى أن يستيقظوا ويعوا لما يفعلون ويتخلوا عن الطاغية ويكفوا عن قتل إخوتهم الليبيين
هو الحل في رأي فتاة ليبية .. حل ليبي ليبي
أيقنتُ أن "المقترح" الفرنسي قد يكون مجرد جس نبض
وحتى لو كان مقترحاً جدياً فالرد من بنغازي واضح
وسرعان ما جاء موقف النظام الليبي ينفي أن يكون المتقرح قيد البحث
وسرعان ما جاء موقف البيت الأبيض ليبعد نفسه عن المقترح الفرنسي مؤكداً على ضرورة تنحي القذافي، لكن رامياً الكرة في ملعب الشعب الليبي ليقرر هو ما سيكون مصير الزعيم الليبي بعد التنحي
وتستمر المشاورات على أعلى المستويات بخصوص مستقبل ليبيا
بينما يؤمن الشارع الليبي في بنغازي بأنه هو من يقرر وسيقرر وليس المجتمع الدولي
وتستمر الحكاية
بينما يؤمن الشارع الليبي في بنغازي بأنه هو من يقرر وسيقرر وليس المجتمع الدولي
وتستمر الحكاية
No comments:
Post a Comment