أترككم مع جهاد
----
ليست "التهمة" كل شيء !
مسألة الاعتقال التعسفي في السعودية والتي يدور حولها الكثير من الجدل، بعمومها تنقسم إلى قسمين:
الأول: اعتقال جنائي، يتعلق بشبه حول أعمال تتصل بالإرهاب، كانخراط أو تواصل أو دعم مع جهات مشبوهة
الثاني: اعتقال سياسي، يتعلق برأي في وسيلة اعلامية أو أي وسائل أخرى، كتابة مقال، ممارسة أي عمل سياسي يرفضه طغيان الدولة .. الخ
إن معظم الاعتراضات والحملات التي تسن رماحها على نشطاء حقوق الإنسان والمؤمنين بالإصلاح المهتمين بالشأن العام عمومًا، من الدولة متمثلة بمسؤوليها وصحافتها المنضوية تحت إدارتها بصحفييها وكّتابها، والمغرر بهم منها، تزعم أنهم يدعمون تنظيم القاعدة، وهي عار من الصحة، وكأنهم يريدون تغطية عين الشمس بغربال، وهم في كل هذا يذهبون لثلاث نتائج:
- محاولة التشريع والتطبيع للدولة وللرأي العام بحجم التهم، نحو منهجية الطغيان والفجور بحقوق الموقوفين بأي المسألتين
- دعم الدولة في تأثيرها على القضاء ومسار العدالة في قضايا الموقوفين، بتعبئة الرأي العام وحشده بالمغالطات
- التشويش على مسألة "الاعتقال السياسي" بمغالطة الرأي العام الماضية بالتهم الكبيرة بمسألة "الاعتقال الجنائي"
وبهذه النتائج الثلاث التي ينتهون إليها، يشرعون للدولة أحقية إسقاط حقوق الموقوفين بأي المسألتين من خلال حجم التهم وخطورتها، في ما يشبه بشرع الغاب، والتي تدعم بدورها الدولة في التأثير على القضاء ومسار العدالة في قضايا الموقوفين بتعبئة الرأي العام وحشده بالمغالطات، فلا يصبح الرأي العام مثلا مشغول بمدى تطبيق النظام والعدالة وتحققها على المستويين: التنفيذي - القضائي، بقدر إنشغاله في البحث بالتهم الموجهة للموقوفين من حيث البراءة والإدانة والتي هي في الأصل عمل قضائي بحت، لتكون هنا التهمة الحكومية في ما يشبه الإدانة الكافية بحد ذاتها دون الحاجة لحكم قضائي، مع كل التغطية على الانتهاكات في جهازها التنفيذي بتطبيق النظام في الضبط والتحقيق ومدة الإيقاف والوضع الإنساني للموقوف، ويصدر الحكم القضائي أخيرًا وهو ليس إلا تحصيل حاصل، وإن غابت عنه كل شروط العدالة، في العلنية وحق الدفاع بتوكيل محام والإستئناف
وكل هذا الانحراف الحكومي الخطير أفضل عامل ممكن مساعد للتشويش لاحقاً على مسألة "الاعتقال السياسي"، فيصبحون نشطاء حقوق الإنسان والمؤمنون بالإصلاح المهتمون بالشأن العام عموماً، عرضة للاعتقال بكل طمأنينة من الدولة وأجهزتها ومنع أصواتهم وكبتها عن التصريح بأخطائها، طمأنينة متواتية بحجم التهم التي أصبحت نقطة أول السطر في الأعمدة الصحفية ومانشيتات الصحف والوعي المجتمعي عموماً !
2
في البيان الأخير الذي صدر من وزارة الداخلية السعودية وتصريحاتها اللاحقة، تحاول و بكل قوة إختزال ملف المعتقلين بأكمله بما فيه من تفرعات، بمدى حجم التهم، والتشويش والخلط في المواضيع، كإيراد أسم محمد البجادي والشيخ وليد السناني، سليمان العلوان، عبد العزيز الوهيبي، خالد العمير، محمد الودعاني وغيرهم الكثير من أصحاب الرأي في سياق جنائي، وزعمها أن المعتقلين كافة يتمتعون بكافة حقوقهم الشرعية والنظامية والإنسانية والتي تشرف على تنفيذها هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، في الوقت الذي قد أصدرت فيه الجمعية الوطنية لحقوق الانسان بياناً ترصد به انتهاكات وملاحظات في السجون تحدث لهم وتطالب بتصحيحها، وهي جمعية حكومية تحت عباءة الدولة، بالإضافة على ما تورده بيانات أهالي المعتقلين وجمعية حسم على السواء وهما يذكران حالات عديدة من التعذيب والاعتقالات التعسفية التي تتجاهلها الداخلية، بل وتحاكم عليها د. عبدالله الحامد و د. محمد القحطاني، وكأنها وزارة مقدسة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، في الوقت الذي يمنع فيه أي نقد مباشر لهذه الوزارة أو حتى تعريضاً لا بالصحف الرسمية ولا بالقنوات الممولة بأموال سعودية، ثم تريد هذه الوزارة أن يتم تصديق كل ما تقول وتكذيب ما عداها.
3
التقرير* الصادر في مطلع هذا العام 2012 فبراير، للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، بعنوان: عن أحوال سجون المباحث في السعودية، التي هي محط استشهاد في بيانها، والتي ذكرت نصًا في المحور الرابع من تقريرها آنف الذكر، وتحت عنوان: أوضاع السجناء. تذكر ما نصه:
أن بعد الزيارة والالتقاء بالعديد من النزلاء اتضح ما يلي:
1- هناك مجموعة من السجناء يمكن إطلاق سراحهم والاكتفاء بما أمضوه في السجن لزوال أي خطورة منهم على أمن المجتمع.
2- كما لوحظ وجود عدد من السجناء يقتضي الأمر سرعة عرضهم على الجهات القضائية لإصدار أحكام بحقهم ومن ثم يصار إلى تنفيذ ما يتقرر شرعاً.
3- وجود عدد كبير من السجناء يعانون من أمراض نفسية مما يتطلب وضع خطة للتعامل معهم.
4- إصابة العديد من النزلاء بأمراض مزمنة، وأمراض السمنة والسكر والضغط وألام الأسنان.
5- يشكو عدد من السجناء من قلة فترة الزيارات وفترات التشميس.
6- يشكو بعض السجناء من عدم الخصوصية في لقائهم بذويهم أثناء الزيارات بسبب وجود أحد رجال الأمن في غرفة الزيارة.
7- عدد من السجناء انتهت مدد محكومياتهم ولم يطلق سراحهم لأسباب مختلفة.
8- بعض السجناء والموقوفين أمضوا مدداً طويلة دون صدور حكم بحقهم بالرغم من انتهاء فترة التحقيق معهم منذ وقت طويل.
9- معاناة العديد من السجناء وأفراد أسرهم من عدم معرفة مصيرهم.
وفي المحور الخامس من ذات التقرير في نهايته وتحت عنوان: النتائج والتوصيات. في النقطة الثالثة من المحور ذاته تحت عنوان: الحاجة تدعو إلى الاستعجال بإنهاء أوضاع هؤلاء الموقوفين والسجناء من خلال ما يلي. ذكرت ما نصه:
1- إحالة من لم يُحل إلى المحاكمة وإصدار أحكام بحقهم.
2- إطلاق سراح من انتهت محكومياتهم.
3- الافراج عمن لم يفجر أو يكفر أو يدعم ذلك عن علم وبينة و بادر بتسليم نفسه أو سلمه ذويه أو تعاون مع الدولة أو كانت تهمته عدم التبليغ.
4- ضمان حصول المتهمين على محاكمات عادلة وتوفير محامين للراغبين منهم وإعلامهم بالأحكام الصادرة ضدهم والسماح لهم بالاعتراض عليها والعدالة في التغطية الإعلامية بين ما يدعيه المدعي العام وما يدفع به المتهمون.
5- زيادة الطاقة الاستعابية للأماكن المعدة لتهيئة من يتم التخطيط لإطلاق سراحهم, فقد لوحظ أن هناك بعض السجناء والموقوفين قد تم إخطارهم بأنه سيتم نقلهم لهذه الأماكن منذ فترة ليست بالقصيرة ومع ذلك لم يتم نقلهم.
6- ابلاغ أسر السجناء والموقوفين باستمرار بما يستجد بشان أبنائهم.
7- العمل على توفير الاحتياجات الأساسية للنزلاء والخاصة بأمور حياتهم كعمل الوكالات وتجديد الأوراق.
وفي صحيفة الرياض العدد 16018* صباح الأربعاء 11 جمادى الاخرة لعام 1433هـ الموافق 2 من مايو العام 2012، أي بعد صدور التقرير السابق للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بثلاثة أشهر، وقبل خمسة أشهر من الآن، نشر تقرير صحفي بعنوان: «حقوق الإنسان» تطالب بحل عاجل لتكدس السجون، وذكر ما نصه:
نستعرضها في ثلاث نقاط:
وتجول الوفد (أي من الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان) في عنابر السجن والتقى بالسجناء واستمع إلى شكاويهم وتظلماتهم ، ودون بعض الملاحظات:
1- التأخر في عرض بعض السجناء على القضاء.
2- تكدس أعداد السجناء في بعض العنابر وزيادة أعدادهم عن الطاقة الاستيعابية للسجن.
3- نقص الكادر الطبي ومحدودية تقديم العناية الطبية اللازمة للسجناء.
ويأتي هذا التقرير الصادر، وهذا التأكيد في التقرير الصحفي، من الجمعية ذاتها، متسقًا مع بيانات جمعية حسم الصادرة فيما قبل وحتى الآن، والتي تؤكد فيها دائمًا حالات الإعتقال التعسفي والتعرض لحالات التعذيب، وهو الذي ذكر في بيانها الصادر السبت 18 رمضان العام 1433هـ الموافق 13 أغسطس العام 2012م، تحت عنوان: انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة في المملكة العربية السعودية من قبل المباحث العامة (وزارة الداخلية)*، ما نصه:
نستعرضها كنقاط:
1- عدم إذعان جهاز المباحث لسلطة القضاء
2- أنشأت وزارة الداخلية "محاكم خاصة" تابعة لها، وهي غير قانونية لأنها خارج دار القضاء.
3- انتهاك حقوق المتهم والسجين:
أ. توثيق الاعترافات الملفقة والمنتزعة تحت الإكراه والتعذيب
ب. عقد الجلسات والمحاكمات سراً بما يخالف نظام الإجراءات الجزائية
ج. حرمان المتهمين من الاستعانة بمحامين وكافة حقوقهم
د. عدم حصول المتهمين على نسخة من الاتهامات والأحكام الصادرة
هـ. قضاء بعضهم مدد الأحكام وانتهاؤها دون الإفراج عنهم
4- بث الرعب عند الإعتقال التعسفي: حادثة اعتقال الناشط محمد البجادي انموذجًا
5- التجسس والاعتداء على خصوصية الناس وإرهابهم: حادثة الناشطة ريما الجريش انموذجًا
6- مضايقة الشباب الناشطين الحقوقيين وتهديدهم: حادثة الناشط ثامر بن عبدالكريم الخضر أنموذجًا
7- اختطاف فوق الاعتقال التعسفي: حادثة المعتقل عبدالله بن محمد الرشيد انموذجًا
8- التعذيب المنهجي لانتزاع الاعترافات: حادثة تعذيب المعتقل مراد بن محمد المخلف أنموذجًا
إنه من المشين والعار على وزارة الداخلية، وصحافتها وأقلامها، والمغرر بهم، فوق تعمدهم الكذب والتضليل، وتناقضهم مع ما يستشهدون به ويستدلون، أن يتهموا المسيرات والاعتصامات لأهالي المعتقلين والنشطاء والمواطنين الشرفاء الأحرار بتزييف الواقع وأنهم مستغلون للقضية في محاولة جعلها شأناً عاماً، في الوقت الذي تزيف هي فيه الوزارة نفسها الواقع، وهي من جعلها شأنًا عامًا بتعسفها واعتقالها للكثير بقفزها على المواد والنصوص، في الوقت الذي تناقض فيه التقارير الحقوقية الصادرة من جمعيات هي تستشهد بإشرافها ومراقبتها، كما أنها تتهم الموقوفين وتحاكم آخرين على قضايا أمنية هي تمس الشأن العام في أصلها، وبنحو سري، مخالفة في ذلك نظام الإجراءات الجزائية وما ينصه في مواده على العلنية، وتذكر أيضًا أن عدداً من المسيرات والاعتصامات تطالب بإطلاق سراح محكومين أو متهمين بقضايا أمنية، في إشارة إليها بتجاوزها الأنظمة والقوانين، متجاهلة هذه الوزارة مخالفتها هي للأنظمة والقوانين، من خلال انتهاكها لحقوق العديد من المعتقلين خلال الضبط والتحقيق وغيره، وإن كانت المطالبات بإطلاق سراح المعتقلين وإن كانت تعدها تهمة، فالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي أتت على ذكرها والاستدلال بها طالبت ايضًا في تقريرها بذات الشيء، هي متهمة بهذه التهمة، وهي تهمة زور وبهتان في المجمل لمن يطالب بإطلاق سراح من تجاوزت الوزارة بحقهم في مدد الإيقاف النظامية دون توجيه تهمة لهم وتحويلهم للمحاكمة ومن وقعوا ضحية لها بالإخلال بحقوقهم القضائية العدلية في المحاكمات السرية الجائرة ومن قضوا مدد الأحكام الصادرة ضدهم ولم يفرج عنهم.
١- محمد الودعاني مفقود في السجون السعودية منذ تظاهره ٤ مارس ٢٠١١ لأنه طالب عبر فيديو يوتيوب بإسقاط الملكية
٢- سعد السهلي اعتقل بسبب تغريداته على تويتر ونصرته للمعتقلين منذ عدة أشهر دون تهمة ولا محاكمة ..
٣- الشيخ عبدالعزيز الوهيبي معتقل دون محاكمة حكم عليه مؤخراً بسبع سنوات -جاري الاستئناف- لنيته المشاركة بإنشاء حزب الأمة الاسلامي
٤- محمد البجادي ناشط في حقوق الانسان معتقل منذ شهر مارس ٢٠١١ حوكم مؤخرًا في محكمة سرية وحكم عليه بالسجن ٤ سنوات، حالياً في اضرابه الثالث عن الطعام منذ شهرين بسبب التعسف في معاملته وسجنه دون وجه حق
٥- الشيخ سليمان العلوان معتقل منذ ٩ سنوات دون تهمة أو محاكمة
المراجع:
- البيان المضلل لوزارة الداخلية، اكتوبر 2012:
- تقرير "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان" فبراير 2012: عن أحوال سجون المباحث في السعودية:
- التقرير الصحفي لزيارة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان للسجون في صحيفة الرياض مايو 2012:
- البيان الصادر لجمعية حسم عن انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة في سجون المباحث، اغسطس 2012:
No comments:
Post a Comment