عام ٢٠٠٥
كان حديثاً خاصاً بيني وبينه، لا أحد سوانا
سألني عن الزعماء العرب
سألني عن الشعوب العربية
فأجبته بصراحة عن حالنا البائسة
شرحت له كيف أن مصالحنا كشعوب تعلو عليها مصالح أخرى
سألني عن أكثر من زعيم عربي
فشرحت له حقيقتهم
سأل : ماذا عن فلان؟
فقلت : هو أيضاً
وسأل مجدداً : حتى فلان؟
فقلت : نعم، هو أيضاً
رويت له عن القهر والظلم والكبت
رويت له عن العجز والصمت
فقال : إذاً هم باعوا أنفسهم، كلهم
فقلت : نعم لقد باعوا أنفسهم وباعوا شعوبهم وباعوا أوطانهم
شاهد الألم في نظراتي
ولمس الحسرة في نبرة صوتي
فسكت
سألته متوسلة: ما الحل؟ أرجوك قل لي.. ما الحل؟
فقال باقتناع تام وبصلابة: قائد
لم أفهم
كرر لي: كل ما يلزم هو قائد
سألت : قائد؟ ومن أين لنا به؟ وكيف نصنعه؟
فقال : لا تقلقي سيظهر في حينه
وكرر : ما يلزمكم هو قائد
حلمت بالقائد ومنذ تلك اللحظة بدأ انتظاري له
تعهدت لنفسي بأنه حين يظهر سأعلن ولائي التام له
=====
عام ٢٠٠٩
حديث آخر معه، برفقة آخرين
سألته إحداهن : هل يولد القائد قائداً؟
فأجاب بعد تفكير ملي: كلا
فسألته أنا : ألم تلد أنت قائداً إذاً؟
فقال : كلا، بالطبع لا. كان يمكن ألا ألد، أو أن أموت قبل أن أصبح قائداً
سألته : وماذا كان سيحدث لو أنك لم تصبح قائداً؟
فأجاب دون تفكير : كان سيظهر قائد آخر غيري .. لأن الوقت قد حان
سكتنا جميعاً
قلت من جديد : لطالما ظننتُ أن القائد يلد قائداً ليكون قائداً، وأن الأمر حتمي
فقال : وكم من قائد ولد قائداً ولم نعرف عنه؟
فأجبت بعد تفكير : لأن الوقت لم يكن قد حان؟
فقال : بالضبط
سألتُه : وهل يمكن أن يكون الوقت قد حان لكن لا يأتي القائد؟
سكت قليلاً
ثم أجاب : ممكن
لاحظ حيرتي من تعابير وجهي
فقال : لكن لا بد أن يأتيا معاً .. القائد في حينه دائماً يأتي
=====
عام ٢٠١١
حان الوقت
اندلعت الثورة التونسية ، سقط الطاغية ، دون قائد
اندلعت الثورة المصرية ، سقط الطاغية ، دون قائد
فكرت لنفسي : لقد أخطأ عندما قال لي إنه لا بد لنا من قائد
فقد تحرك الملايين، بلا قائد
مرت الأيام والأسابيع والأشهر
واشتدت الثورة المضادة
أدركت أنه لا بد من خطة، لا بد من مشروع، لا بد من جدول زمني
لتوجيه الثورة، للحفاظ على ثمارها ومكاسبها
ولقطف ثمارها الأخرى
لتوجيه الثورة، للحفاظ على ثمارها ومكاسبها
ولقطف ثمارها الأخرى
من أجل كل ذلك : لا بد من قائد
وإلا فستكون ثورة يتيمة معرضة للوأد
لكني سرعان ما أدركت أنه لا يوجد شخص معين يلعب دور القائد
وإلا لكان قد ظهر
لا بأس
فلتكن قيادة غير مشخصنة
القيادة تنبع من صلب النضال
والقيادة فعلاً ولدت مع ولادة الثورة
لكنها ليست ممثلة بفرد أو وجه أو صوت
بل هي وجوه وأقلام على الانترنت
هي أفراد وأصوات في الشارع
هي كثيرون في كل مكان
في غياب القائد، لا بد من وحدة القيادةهي أفراد وأصوات في الشارع
هي كثيرون في كل مكان
كمفهوم .. كمحرك في أذهان الجميع
أصحاب الثورة هم أصحاب قضية
اتحدوا في الرؤيا والرؤية فنجحوا دون قائد
وأسقطوا "القائد" الديكتاتور
كل المعارك السياسية يجب أن تؤجل
بغض النظر عن التوجهات السياسية
وبغض النظر عن نعرات الثورة المضادة
المعركة الوحيدة هي إكمال الثورة
البعض يعيب عليها أنها قيادة خفية.. هلامية
فليكن
لكن يجب أن تتمتع برؤية واضحة وواحدة
وألا تحيد عن هدفها أو أهدافها
قيادة خفية تحتاج لمساعدة كل مفكر وكل خبير وكل مثقف
لمواجهة سموم ثورة مضادة لديها قيادة ورؤية وأهداف
قد تثبت الأيام أن القيادة لا تكفي
وأنه لا بد من قائد يتمثل في شخص
وإن صح ذلك فلا بد من انتظار القائد
لكن ثوراتنا علمتني أن كل شيء ممكن
وقد أجد نفسي يوماً أتحدث عن قائد لم أعد أنتظره
وحينها سيكتب التاريخ عن ثورات.. بلا قائد
ملايين .. بلا قائد |
2 comments:
جميل جداً
لكن الواقع بعيد عن الحلم يا ديمة، نحن نعاني فعلا من غياب قيادة ولدت من رحم الثورة، آمل ألا يكتب التاريخ أن الثورات دون قيادة لا يمكن أن تنجح، http://tounsiwaftakhir.blogspot.com/2011/05/blog-post_22.html
Post a Comment