4 Apr 2011

إيمان العبيدي .. ووحوش النظام


منذ عشرة أيام تقبع إيمان العبيدي على البال ليس في أذهان ملايين العرب فحسب بل في أذهان الملايين وربما عشرات الملايين في جميع أصقاع المعمورة .. وأنا واحدة منهم

استمعت ليلة أمس الأحد إلى لقاء على قناة ليبيا الجديدة المعارضة مع من تزعم القناة بأنها إيمان. هو لقاء عبر الهاتف ويؤكد أنه تم إطلاق سراحها وأنها مع أسرتها في طرابلس منذ السبت لكنها لا تستطيع السفر إلى طبرق. ساورتني الشكوك حول مصير إيمان الحقيقي وصدق ما تقول في اللقاء، وإن كانت هي فعلا من تتحدث، وإن كانت مجبرة على قول ما قالته عبر الهاتف. هل غيروا طباعها أو أذلوها أو أرهبوها أو أغرموها؟

زاد من شكوكي صباح الاثنين خبر سي إن إن حيث تدعي الشبكة الأمريكية بأن إيمان أخبرتها بأنه تم إطلاق سراحها، وهي الآن تعد بنشر لقاء مسجل معها
تعثرت بفيديو لن أنشر الرابط إليه يظهر فتاة ترقص وتحته تعليق من موال للنظام الليبي يقول إن بنت الهوى في الفيديو هي "إيمان الحقيقية ". لكن صراحة صعب تمييز وجهها للجزم إن كانت هي أم فتاة تشبهها.. أم من
ثم قرأت مزيدا من الأخبار عنها عن طريق مراسل سي إن إن على تويتر تفيد بأنه تم اعتقالها من جديد أمس الأحد لأنها حاولت العودة إلى فندق ريكسوس لكنها لم تصل إليه وتم القبض عليها كاجراء احترازي لأنها لا تملك حق التحدث عن قصتها

مـا هي قـصـــة إيمـــان
حسب معلومات نشرت عنها: هي ليبية ذات ثلاثة وعشرين ربيعا، محامية، أصولها
من الشرق الليبي. دخلت في ٢٦ مارس آذار ٢٠١١ فندق ريكسوس حيث يقيم الصحفيون الأجانب لتروي لهم عن اغتصاب ١٥ رجلا من كتائب القذافي لها .. وتشير أيضا إلى فتيات أخريات يتم اختطافهن واغتصابهن. فأتت ردة الفعل من ممن بدوا عمالا في الفندق ومعهم رجال أمن ردة فعل نظام يرتعش من مجرد امرأة أمام كاميرات العالم. صورتها وبكاؤها وصراخها ثم اختفاؤها كلها موثقة

على
فيديو انتشر على القنوات التلفزيونية والانترنت

أيا كان في العالم، خاصة إن كان امرأة عربية مثلي، لا بد له أن يتعاطف مع إيمان. مع أنني لا أعرف إن كانت قصتها عن الاغتصاب صحيحة ودقيقة وليست لدي أبسط الوسائل للتحقق من هوية من تقول إنهم اغتصبوها، ومن بينهم ابن مسؤول كبير في البلد. الكدمات التي رآها الصحفيون تدعم روايتها طبعا. لكن بغض النظر عن صحتها من عدمها فإن مجرد محاولة إسكاتها وطمر وجهها بقطعة قماش ووحشية التعامل معها قبل جرجرتها على يد أشرار نظام عربي مستبد، أثار تعاطفا كبيرا معها وأعطى لقصتها مصداقية وصدى، وعرى النظام ورجالاته



هــالة المصراتي

وزاد من التعاطف مع إيمان التهم التي وجهها إليها مسؤولون من أنها مختلة عقليا وسكرانة وحتى عاهرة

وخصص برنامج على قناة الجماهيرية الحكومية حلقة حول إيمان تقدمه مذيعة غريبة الأطوار تصفيفة شعرها بدت لي قذافية بحتة، اسمها هالة المصراتي كانت أول مرة أشاهدها فيها تدافع باستماتة عن نظام القذافي عندما أصدرت فتوى تقضي بأن تبني مجلس الأمن للقرار ١٩٧٣ حرام شرعا من باب أن التبني حرام !!! في برنامج هالة المصراتي تتهجم المذيعة بثقة نفس كبيرة على إيمان، وتعتبرها مدفوعة من قبل قنوات فضائية وزعماء المعارضة، ولا تترك تهمة تمس عرضها وشرفها وأصلها إلا وترميها دون إثبات ولا دليل، حتى أنها تتدعي بأن إيمان لا تنتمي إلى قبيلة العبيدي "الحرة الشريفة الأصيلة" كما تصفها المذيعة. وطبعا تلقي رواية الاغتصاب في الزبالة معتبرة دموع إيمان دموع تماسيح

هالة المصراتي تذهب إلى ما هو أبعد .. فتروي عن أسر تقول إنها في الشرق تتعرض فتياتهن للاغتصاب لكن تقول هالة إن الأسر تفضل الموت على أن تبوح بحقيقة ما جرى، وتقول إن الفتاة يمكن أن تقتل فيما بعد. تقولها هالة واصفة تلك الأسر بالشريفة الليبية الأصيلة العربية البدوية الحرة ... يعني أنها توافق على قتل الفتاة المغتصبة التي لم ترتكب ذنباً


صدمتني فعلا هالة المصراتي كما صدمتني كل امرأة كانت في فندق ريكسوس ساعدت في قمع إيمان، بغض النظر عن رواية إيمان. إن موقفا كهذا من نساء عربيات لهو دليل على نجاح نظام مستبد في تحويل ضحايا الخوف وغسيل الدماغ إلى وحوش فقدوا الأخلاق والمبادئ وحتى الإنسانية في وجوه أبشع أشكال الظلم