4 Apr 2011

إيمان هي ليبيا : اغتصبوها ثم زوجوها



كلما نظرت إلى إيمان العبيدي شاهدت فيها وجه ليبيا ونفس آلامها

١- التعاطف مع إيمان بشكل عفوي، هو نفسه التعاطف التلقائي مع الشعب الليبي المظلوم تحت القذافي

٢- قد يكون الاغتصاب أصعب تجربة على الإطلاق تمر بها أي امرأة لأنه يسلب منها كرامتها ويذل جسدها ويستغل ضعفها ويحولها إلى مجرد كتلة لا روح فيها ولا إرادة. وفي المجتمع العربي بشكل خاص الاغتصاب يسلب منها شرفها وصيتـَها وحتى مستقبلها أحيانا. لكن ما هو أصعب من الاغتصاب هو الإقرار به ومواجهة المجتمع به. كلام إيمان حول اغتصابها حمل نفس الجرأة والشجاعة التي تحلى بها كل من خرجوا في مظاهرات سلمية رغم ما يعرفون عن قمع ورصاص وموت يتربص بهم. أليسوا كإيمان؟ هم شعب ذاق الذل وسُلبت كرامته بعد أن اغتصبت بلاده، فخرج لمواجهة مصيره بدلا من الاستمرار في السكوت والخنوع

٣- أمام تعدي أبناء وبنات بلادها عليها على مرأى من العالم، وغياب وعجز أسرتها، فرض الواقع نفسه. فكان الصحفي الأجنبي هو من يدافع عنها في وجه من فقدوا إنسانيتهم. أليست هي حال ليبيا التي أتى الغريب لنجدتها من قبضة الطاغية فبدا كالمنقذ الوحيد من مذبحة وشيكة؟

٤- التهم التي وجهت إلى إيمان من قبل المسؤولين الليبيين وقناة الجماهيرية من أنها تعاني من اضطرابات عقلية وأنها كانت سكرانة وأنها عاهرة وأنها تردد ما يصب في مصلحة قنوات وأشخاص متآمرين .. أليست هي نفس التهم - بثوب آخر - التي وجهت إلى من تظاهروا ضد القذافي  بأنهم مغرر بهم ويخدمون مصالح قنوات فضائية ويتعاطون الحبوب المهلوسة وتتحكم بهم القاعدة؟ ثم أليس رفع قضية عليها من قبل أربعة أشخاص اتهمتم باغتصابها - بحجة أنها شهرت بهم - هو مثل تهديدات النظام بملاحقة الشعب الثائر زنقة زنقة حيطة حيطة دولاب دولاب؟

٥- الضبابية والغموض في قصة إيمان التي اختفت ثم ظهرت ثم اختفت، نسمع صوتها ونرى فيديو لها فنشكك.. ألا تشبه إلى حد كبير الضبابية التي تغيم حول المعارضة الليبية في ظل التعقيدات التي دخلت على الخط، ونحن نعرف أن الثورة كانت نقية؟

٦- أخيرا مصير إيمان، يبدو شبيها بمصير ليبيا. هناك أكثر من  فيديو لعقد قران إيمان على رجل هي لا تعرفه ولم تلتقيه قط، تقول الآن أنها وافقت على الزواج منه مع أن هذا الكلام كان أثناء فترة اختفائها وحين كان أهلها لا يعرفون عنها شيئا وليس لهم اتصال بها. في تلك الفترة تقدم ليدها رجل من ثوار الشرق تأثر بقصتها (ولعله أراد إنقاذها من العار). فأقامت الأسرة لها حفلا لم تحضره هي، لكن الهدف منه كان أن تعبر الأسرة عن عدم خجلها من إيمان واعتزازها بها وبما فعلته. الحفل أعاد إلى ذهني فرحة أهل بنغازي بقرار مجلس الأمن الدولي

إيمان هي إذا ضحية للتعذيب الجسدي والنفسي والتسلط والقمع دافع عنها الأجنبي وتبنى قضيتها على شاشاته التلفزيونية .. ووجدت الأسرة نفسها مضطرة لتقرير مصيرها وتزوجيها من رجل لا تعرفه ولم تحبه يوما، قد يكون ما يكون ... هي نفسها ليبيا ضحية نفس الظلم والقمع والتسلط. هي أيضا تجهل مستقبلها، بعد قتلٍ وتدخلٍ أجنبي وتشويه - وربما اختطاف - لثورتها.. ولم يبق أمامها سوى التمسك بأمل المستقبل مع ذلك الرجل الذي زوجتها إياه أسرتها (الجامعة العربية) عله يكون أفضل من جلادها.. وهي تشعر بالامتنان للأسرة لأنها لم تطلقها بمأذون سعودي، كما فعلت مع شقيقة انتفضت مثلها
    

6 comments:

Xkandarany said...

فليس معتصم في الدار ينجدكم - فلم يعد في حمى أوطانهم بطل.
وان سمعتم صليلا في مرابضنا - فإننا في رحاب الدار نقتتل

Unknown said...

مقال رائع ديما يجسد كيف ان الم الجسد اقل بكثير من الم الزل انها صرخت ليتحك احرار الدنيا واعتقد انهم قليل شكرا لك

Mubarak Alkhatnai said...

ديما
كلام جميل ومؤلم.
كم من ايمان اخري تمثل بلد عربي اخر للاسف لم تنطق ولم تستطع ان تنطق؟

بل كم من ايمان اخري سعيده بان تغتصب وتسكت.

لابد لليل من نهايه.

تحياتي

hisham said...

ما حدث لايمان يعرّي ادعاءات النظام العربي بالدفاع عن الحقوق المسلوبة۔۔ اغتصبوها أكثر من مرّة: عندما قمعها المجتمع الذكوري فقتل براءتها وسلبها حواسها، ومرات من أنظمة طاغية غير عاقلة ولا أخلاقية۔ هذا زمنها لأنها لم تصمت لتخفي "الفضيحة" بل استردت حقها بصوتها عندما امنت بقضيتها، وعندما خرجت من الحرملك الى عالم الثورة لتناضل من أجل حريتها۔ فهي لم تتعر أبدا حين كشفت عن جسدهابل عرّت أنظمة مستبدة و تاريخا يعاملها "كمتعة صرفة"۔
@hishamfayad

عبد الرحيم زياد said...

بأسلوب شيق للغاية تناولت الست ديما قضية هذه الفتاة العبيدية التي احتلت الواجهة في بلاد طرابلس الغرب هذه الأيام .
نفس المعاناة ونفس المصير يجمع الوجهان ليبيا و إيمان.لا أحد إذن يعرف عنهما شيئا. ضاعتا في أزمنة عربية سكرانة فاقدة لبوصلة التوجه ......فلا ثورة الياسمين في تونس إستقرت على حال ولا جموع ميدان التحرير في مصر عرفوا المآل. ولا أحد في بلدان بني يعرف آخرة ما يجري و يدور من بلد اليمن الغير السعيد الى منامة لاتنام الى شام بذأ يتحرك...
الى اين النهاية...؟؟ ما سيحدث ؟؟ لا أحد يعرف طبعا منا نحن العرب نلتفت علنا ندرك الصواب عند تشافيز هذا و أردوغان تركيا الذي يغير الاقنعه و الألسنة كما يغير ممثلوا المسلسلات التركية الضالعة في عمقنا الثقافي أدوارهم وعند نجاد فارس يصدر الفتوى و النصيحة و يصب الزيت على النار ..نار نار كما أرادها القذافي تستعر في االساحل الشمالي لإفريقيا ..نار النفط ..وما أدراك ما النفط في حسابات أوباما المرتبكة..
يخلوا الجو لإسرائيل كي تنجز وتواصل بناء مستوطناتها و تقتل وتذبح أطفال غزة ...ماداموا يهيؤون لها الجو السليم كي تعيش في رخاء وطمئنينة في ظل شرق أوسط بعيد كانت قد بشرت به رايس ذات حقبة ليست بالبعيده

Ahmad Baker said...

what's interesting is the arabic language, rape can be used to describe what happened to Iman, but not to Libya!
of course I like the comparison, a smart analogy, but i struggled with classifying the article, is this a news article, an analysis, thoughts and inspirations, all of that!